بسم الله الرحمن الرحيم
الطريقة الصوفية الحكيمية
هي الطريقة التي أسسها أبو عبد الله محمد بن علي الترمذي ، الملقب بالحكيم ، خلال القرن الثالث للهجرة ، وهو من كبار مشايخ خراسان وعلمائها ، وله العديد من المؤلفات والتصانيف المشهورة .
فلسفة الطريقة :
وتتمحور الحكيمية بمجملها حول الولاية ، حيث ترمي جميع الأبحاث والكتب التي وضعها أبو عبد الله إلى شرح وتوضيح حقيقة الولاية ، ودرجات الأولياء ، ومراعاة تربيتها ، واصطفاء الأولياء من جانب الله عز وجل لإرشاد أهل السلوك ، وقدرة الأولياء على إظهار خوارق العادات والكرامات وأمثال ذلك .
وتركزت أبحاث الولاية هذه حول ما إذا كانت مواهب الحق ، أم هي من مكاسب العبد والولي المعصوم ، أم لا ؟ وإذا لم تكن العصمة شرطاً فهل الأولياء محفوظون من آفة يتنافى وجودها مع شرط الولاية أم لا ؟ وهل ظهور الكرامات من الولي في حالة الصحو والتيقظ أم في حالة السكر والذهول ؟ وهل ميل الولي وإرادته مؤثران في ظهور الكرامات أم لا ؟ وكذلك ما هي الحكمة من صدور الكرامة ؟ وما هو الفرق بين النبي والولي ؟ وهل تقرب الملائكة إلى الله أكثر أم تقرب الأولياء ومن أراد التوسع في هذه المعاني فليرجع إلى الكشف للهجويري .
وفي هذا الصدد يقول الهجويري : إن محمداً بن علي الحكيم الترمذي كان يولي أهمية كبرى للولاية ويعدها قاعدة للطريقة ، ويرى أن الأولياء أتباع الأنبياء والمصدقون لديهم ، ونهاية الولاية هي بداية النبوة ، والأنبياء جميعهم أولياء ولكن لا يكون أحد من الأولياء نبياً ، وكل ما يعتبر حالاً للأولياء هو مقام للأنبياء ، وكل ما كان مقاماً للأولياء هو حجاب للأنبياء .
وبينما كان مشايخ الصوفية يعتبرون الولاية أساساً للتصوف والعرفان ، كان هو يعد الولاية حقيقة الطريقة ويقول : ( لله تعالى أولياء اصطفاهم من بين الخلق ، وقد انقطعت همتهم عن المتعلقات ، وتنصلوا من قبول دعاوى النفس والهوى ، وأقام كلاً منهم على درجة ، وفتح الله سبحانه عليهم باباً من المعاني ) . والولاية على ضربين : ولاية خاصة وولاية عامة ، أما العامة فهي التي تشمل جميع المؤمنين لقوله سبحانه وتعالى : والله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور ، أما الولاية الخاصة فهي مختصة بالواصلين من أرباب السلوك ، وهي عبارة عن فناء العبد في الحق وبقاؤه به ، فالولي هو الفاني فيه والباقي به .
وتؤكد الطريقة أنه لا يمكن للمريد أن يصل إلى درجة الولاية دون الاقتداء بمرشد من الأولياء لتربيته حيث يقول الدقاق : ( إن الشجرة البرية التي لم يقم بتربيتها أحد تورق ، ولكن لا تثمر ، وإذا أثمرت فلا يكون ثمرها لذيذاً ) .