قصة من تكلم في المهد ودعا الله تعالى ...
تكلم في المهد ودعا الله تعالى
قال رسول الله :«كَانَتْ امْرَأَةٌ تُرْضِعُ ابْنًا لَهَا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَمَرَّ بِهَا رَجُلٌ رَاكِبٌ ذُو شَارَةٍ ، فَقَالَتْ: «اللهمَّ اجْعَلْ ابْنِي مِثْلَهُ».
فَتَرَكَ ثَدْيَهَا وَأَقْبَلَ عَلَى الرَّاكِبِ فَقَالَ:«اللهمَّ لَا تَجْعَلْنِي مِثْلَهُ»، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى ثَدْيِهَا يَمَصُّهُ.
قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:« كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى النَّبِيِّ يَمَصُّ إِصْبَعَهُ».
ثُمَّ مُرَّ بِأَمَةٍ فَقَالَتْ:«اللهمَّ لَا تَجْعَلْ ابْنِي مِثْلَ هَذِهِ » ، فَتَرَكَ ثَدْيَهَا فَقَالَ:«اللهمَّ اجْعَلْنِي مِثْلَهَا » .
فَقَالَتْ:« لِمَ ذَاكَ؟».
فَقَالَ:«الرَّاكِبُ جَبَّارٌ مِنْ الْـجَبَابِرَةِ ، وَهَذِهِ الْأَمَةُ يَقُولُونَ : سَرَقْتِ زَنَيْتِ ، وَلَمْ تَفْعَلْ» (رواه البخاري).
وفي رواية أخرى رواها البخاري:«... فَقَالَتْ:« اللَّهُمَّ لَا تُمِتْ ابْنِي حَتَّى يَكُونَ مِثْلَ هَذَا» ، فَقَالَ:« اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْنِي مِثْلَهُ » ، ثُمَّ رَجَعَ فِي الثَّدْيِ ، وَمُرَّ بِامْرَأَةٍ تُجَرَّرُ وَيُلْعَبُ بِهَا ،فَقَالَتْ:«اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْ ابْنِي مِثْلَهَا»، قال رسول الله :«فَقَال:اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِثْلَهَا». فَقَالَ:«أَمَّا الرَّاكِبُ فَإِنَّهُ كَافِرٌ وَأَمَّا الْمـَرْأَةُ فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ لَهَا تَزْنِي ، وَتَقُولُ: حَسْبِيَ اللهُ ، وَيَقُولُونَ: تَسْرِقُ ، وَتَقُولُ: حَسْبِيَ اللهُ» .
ذُو شَارَة:أَيْ صَاحِب حُسْن ، وَقِيلَ : صَاحِب هَيْئَة وَمَنْظَر وَمَلْبَس حَسَن يُتَعَجَّب مِنْهُ وَيُشَار إِلَيْهِ .
ثُمَّ مُرَّ:بِضَمِّ الْمِيم عَلَى الْبِنَاء لِلْمَجْهُولِ .
الـجَبَّار : العاتي المتكبر القاهر للناس.
....من عبر القصة:...
1- أَنَّ نُفُوس أَهْل الدُّنْيَا تَقِف مَعَ الْخَيَال الظَّاهِر فَتَخَاف سُوء الْحَال ، بِخِلَافِ أَهْل الإيمانِ الصادِقِ فَوُقُوفهمْ مَعَ الْحَقِيقَة الْبَاطِنَة فَلَا يُبَالُونَ بِذَلِكَ مَعَ حُسْن السَّرِيرَة ، كَمَا قَالَ تَعَالَى حِكَايَة عَنْ أَصْحَاب قَارُون حَيْثُ خَرَجَ عَلَيْهِمْ :﴿ يَا لَيْتَ لَنَا مِثْل مَا أُوتِيَ قَارُون﴾ ، ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْم :وَيْلكُمْ ثَوَاب اللهِ خَيْر ﴾.
2-أَنَّ الْبَشَر طُبِعُوا عَلَى إِيثَار الْأَوْلَاد عَلَى الْأَنْفُس بِالْخَيْرِ لِطَلَبِ الْـمَرْأَة الْخـَيْر لِابْنِهَا وَدَفْع الشَّرّ عَنْهُ وَلَمْ تَذْكُر نَفْسهَا .