منتديات أبو خمرة الرفاعية القادرية Forums abokhomrah
مرحبا بكم في رحاب وأروقة منتديات أبو خمرة الرفاعية القادرية أن كانت هذه زيارتكم الأولى ورغبتم المشاركة لوضع مساهماتكم أو طرح مواضيعكم يتوجب عليكم التسجيل أولا أما إذا كنتم راغبين في تصفح المنتديات فما عليكم سوى التوجه الى الأقسام الرئيسية مع تمنياتنا للجميع من الله سبحانه بالمغفرة والرضوان .
منتديات أبو خمرة الرفاعية القادرية Forums abokhomrah
مرحبا بكم في رحاب وأروقة منتديات أبو خمرة الرفاعية القادرية أن كانت هذه زيارتكم الأولى ورغبتم المشاركة لوضع مساهماتكم أو طرح مواضيعكم يتوجب عليكم التسجيل أولا أما إذا كنتم راغبين في تصفح المنتديات فما عليكم سوى التوجه الى الأقسام الرئيسية مع تمنياتنا للجميع من الله سبحانه بالمغفرة والرضوان .
منتديات أبو خمرة الرفاعية القادرية Forums abokhomrah
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتديات أبو خمرة الرفاعية القادرية هي منتديات لكل مريدي الطرق الرفاعية والقادرية والبدوية والدسوقية ولكل منهل من مناهل الأقطاب الأولياء العارفين بالله رضي الله عنهم أجمعين
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  
.. إِنَّ لِلَّهِ عِباداً فُطَنا .. تَرَكوا الدُنيا وَخافوا الفِتَنا .. نَظَروا فيها فَلَمّا عَلِموا .. أَنَّها لَيسَت لِحَيٍّ وَطَنا .. جَعَلوها لُجَّةً وَاِتَّخَذوا .. صالِحَ الأَعمالِ فيها سُفُنا ....... قلبي إليكم بأيدي الشوق مجذوب *** والصبر عن قربكم للوجد مغلوب .. لا أستفيق غراماً من محبتكم *** وهل يضيق من الأشواق مسلوب .. يا قلب صبراً على هجر الأحبة لا *** تجزع لذاك فبعض الـهجر تأديب .. همو الأحبة إن صدوا وإن وصلوا *** بل كل ما صنع الأحباب محبوب .. إني رضيت بما يرضونه وبهم *** واللـه يعذب للمشتاق تعذيب .. فالروح والقلب بل كلي لـهم هبة *** وكيف يرجع شيء وهو موهوب .......




 

 قضايا في الأسراء والمعراج

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
سيد قحطان العيثاوي
خمروي متألق
خمروي متألق
سيد قحطان العيثاوي


ذكر عدد الرسائل : 1439
الموقع : مؤسس منتدى قبيلة الساده البوعيثا الحُسينية في العراق
العمل/الترفيه : حب الله ورسوله
المزاج : إشتقتُ إليك ياسيدي يارسول الله فداك نفسي وأهلي
تاريخ التسجيل : 24/10/2010

قضايا في الأسراء والمعراج Empty
مُساهمةموضوع: قضايا في الأسراء والمعراج   قضايا في الأسراء والمعراج I_icon_minitime2011-05-23, 11:08 am

أما الإسراء فهو الرحلة الأرضية الليلية التي هيأها الله عز وجل لرسوله من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى بالشام، وأما المعراج فما تلا ذلك من عروج إلى السماء، من القدس إلى السموات العُلا إلى مستوى لم يرق إليه بشر من قبل ، إلى سدرة المنتهى .
ومنذ القدم ورحلة الإسراء والمعراج قد أثارت كثيرا من المُناقشات حول كيفيتها وهل كانت بالروح فقط أم بالروح والجسد ؟ وهل كانت مرة واحدة أم أكثر من مرة ؟ ومتى كان وقتها بالتحديد ؟ ولماذا المعراج من بيت المقدس ؟ وهل رأى النبي ربه في هذه الرحلة ؟
تساؤلات عدة يسر الله جمعا من علماء الأمة إلى التصدي لها وتوضيحها وتفسير مُشكلها لئلا يلتبس على الناس الأمر وتتضارب عليهم الأقوال ، ولعلنا نتصدى لبعض من هذه التساؤلات بشيء من التفصيل لما لهذه الرحلة من مكانة عظيمة في الإسلام ، ولما في رموزها من دلالات ومعان نحن في أمس الحاجة إلى التعرض لها بعدما أصاب مسرى الرسول ما أصابه من ذل واحتلال .
لا شك أن رحلة الإسراء والمعراج كانت هبة عظيمة من الله عز وجل إلى رسوله كان لها أكبر الأثر في نفسه وفي دعوته وبل وفي أمته من بعده، ونظرا لتعدد الروايات التي نقلت مراحل هذه الرحلة العجيبة فقد حاول البعض جاهدا في أن يوفق بين هذه الروايات وما قد تتضمنه من اختلافات فدفعهم هذا إلى القول بأن هذه الرحلة لم تكن مرة واحدة ، فقال البعض كانت مرتين الأولى مناما وكأنها توطئة لرسول الله والثانية يقظة ، وذهب البعض إلى القول بأنها وقعت ثلاث مرات الأولى قبل الوحي واثنتان بعده، بل لقد تجاوز البعض فعد إسراآت عدة قبل البعثة وبعدها في مكة وفي المدينة، وبقدر اختلاف الروايات عدوا الوقائع .
والقول بتكرار وقوعها سواء توطئة أو يقظة لم يثبت عن النبي أو أنه أشار إلى تعدد وقوعها، كما أن أحدا من أصحابه ومن تبعهم قد نقل للناس تعدد وتكرار وقوعها، بل إن كل من ذهبوا إلى تكرار وقوعها لم يستندوا إلا للاختلافات التي بين الروايات التي روت هذه القصة، وكل الروايات التي تحدثت عن هذه الرحلة العجيبة قد اتفقت على فرض الصلاة في هذه الرحلة وتردد النبي بين موسي عليه السلام وبين ربه ليخفف الصلاة عن أمته فتصير خمسا في العمل وخمسين في الأجر، أفي كل رحلة يبدأ الأمر من جديد ! تُفرض من جديد خمسين ثم تُخفف إلى خمس ! إن القول بتعدد مرات وقوعها قول تأويلي حاول به بعض العلماء الجمع بين الروايات، في محاولة منهم لدفع ما قد يتعارض بين بعض ألفاظها، وما دام الله عز وجل لم يخبرنا بتعدد وقوع هذه الرحلة وما دام رسوله لم يتحدث عن تكرار وقوعها، وما دام أصحابه لم يشيروا إلى تكرار وقوعها ويثبت عنهم صراحة، فالأولى أن نؤمن بوقوع هذه الرحلة مرة واحده وهي بعد البعثة وقبيل الهجرة وقد فُرضت فيها الصلاة .
أما عن كونها بالروح فقط أو بالروح والجسد، فهو من أكثر القضايا جدلا في هذه الرحلة، منذ القدم وحتى الوقت الحالي
قال القاضي عياض في "الشفا " اختلف السلف و العلماء هل كان إسراء بروحه أو جسده ؟ على ثلاث مقالات :
ذهبت طائفة إلى أنه إسراء بالروح، و أنه رؤيا منام، مع اتفاقهم أن رؤيا الأنبياء حق ووحي، وإلى هذا ذهب معاوية و ما حكوا عن عائشة رضي الله عنها " ما فقدت جسده ، وقوله " بينا أنا نائم " و قول أنس وهو نائم في المسجد الحرام ... و ذكر القصة ، ثم قال في آخرها " فاستيقظت وأنا بالمسجد الحرام " .
و قالت طائفة : كان الإسراء بالجسد يقظة إلى بيت المقدس ، و إلى السماء بالروح ، واحتجوا بقوله تعالى " سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) (1)فجعل [إلى المسجد الأقصى ] غاية الإسراء الذي وقع التعجب فيه بعظيم القدرة ، والتمدح بتشريف النبي به، و إظهار الكرامة له بالإسراء إليه، وقال هؤلاء "و لو كان الإسراء بجسده إلى زائد على المسجد الأقصى لذكره فيكون أبلغ في المدح "
وذهب معظم السلف و المسلمين إلى أن هذه الرحلة كانت بالجسد وفي اليقظة وهذا هو الحق، وهو قول ابن عباس، و جابر، و أنس، و حذيفة ، وعمر، وأبي هريرة، ومالك بن صعصعة، و ابن مسعود ، و الضحاك ، و سعيد بن جبير، و قتادة، وابن المسيب، وابن شهاب، والحسن، ومسروق، ومجاهد، وعكرمة، وابن جريج ....
وهو دليل قول عائشة، وهو قول الطبري، وابن حنبل، جماعة عظيمة من المسلمين وقول أكثر المتأخرين من الفقهاء و المحدثين و المتكلمين و المفسرين "
هكذا بين القاضي عياض رحمه الله حقيقة الاختلاف وعلة كل فريق ، ولعلنا نقف على بعض الأدلة التي تؤكد حقيقة ما ذهب إليه معظم السلف وأئمة المسلمين من أنها كانت رحلة بالروح والجسد .
قال تعالى [ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ المَسْجِدِ الحَرَامِ إِلَى المَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ] (1) فكلمة عبد تُعني "مجموع الروح والجسد " ولا تُطلق على الروح فقط ،
كذلك قول الله عز وجل (سبحان ) فالتسبيح إنما يكون عند عظام الأمور، فأيهما أشد عظمة وأدعى إلى الإبهار وإظهار قدرة الله عز وجل، أن تكون الرحلة بالجسد والروح، أم أن تكون مناما بالروح فقط ؟
كذلك قول الله تعالى في سورة النجم [مَا زَاغَ البَصَرُ وَمَا طَغَى] (2) وقول الله عز وجل [وَلَقَدْ رَآَهُ نَزْلَةً أُخْرَى ](3) فالبصر من أدوات الذات لا الروح .
كذلك قول الله تعالى [وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ] (4)
ففي صحيح البخاري عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : هِيَ رُؤْيَا عَيْنٍ أُرِيَهَا رَسُولُ اللَّهِ لَيْلَةَ أُسْرِىَ بِهِ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ (5)
وفي هذا دليل على جواز استخدام كلمة رؤيا على رؤية العين وإن كان أكثر استعمالها على رؤيا النوم (6)
كذلك قول الله تعالى " فِتْنَةً لِلنَّاسِ " دليل على كونها بالجسد والروح معا ، وإلا فإن رؤيا المنام لا فتنة فيها، وما كان أحد لينكرها .
كما أن النبي قد أقر بوجود البراق الذي انتقل به إلى المسجد الأقصى ونعته بصفاته ، وهذا يعنى أن النبي كان بروحه وجسده وإلا فما حاجة الروح فقط إلى البراق الذي هو مخلوق مادي يحتاج إلى جسد مادي يركبه !ففي صحيح مسلم أن النبي قال (فَرَبَطْتُهُ بِالْحَلْقَةِ الَّتِي يَرْبِطُ بِهِ الأَنْبِيَاءُ) (7) ألا يُعنى هذا أنها رحلة بالروح والجسد .
كذلك الثابت أن قريشا قد بادرت إلى تكذيب الرسول حينما أخبرهم بهذه الرحلة حتى أن بعض المسلمين قد ارتدوا كُفارا ، فما الذي يحمل قريشا على تكذيب هذا الحديث إلا كونه يقظة ، فلو كان مناما لتساوى عندهم بقول الرسول عن الملك الذي يأتيه من السماء في طرفة عين .
أما من خالف أقوال كل من سبق وغفل عن كل هذه الحُجج وذهب إلى أنها حالة من الصفاء النفسي الذي يكشف الحُجب، فهو دليل على حكم العقل على حدوثها، وقياس المعجزات بقدرة العقل على إدراكها قياس خاطئ ، فالمعجزة مُبهرة لما ألفه الناس وما يستطيع العقل إدراكه، وإلا فأين وجه الإعجاز فيها .
أما عن تحديد وقتها فقيل كانت قبل الهجرة بسنة وقيل بستة أشهر وقيل غير ذلك، وقيل كانت في شهر رجب وقيل في ربيع الأول وقيل غير ذلك، والثابت أنها بعد وفاة خديجة رضي الله عنها لأنها لم تدرك فرض الصلاة التي فرضت في رحلة المعراج، والميل إلى أنها كانت قبيل الهجرة أقرب فقد كانت بمثابة نقطة فاصلة في تاريخ الدعوة وبداية حقيقة لطور جديد في تاريخها، فما بعدها كان منح متتالية تتخللها محن وابتلاءات حتى كتب الله لرسالته النصر والتمكين .
وهنا يجدر بنا الإشارة إلى أن الانشغال بتحديد أزمنة الأحداث التي لم يثبت فيها نص صحيح أمر لا يطالبنا به الشرع ولا يقوم عليه كبير نفع بل قد يكون على حساب القيمة الحقيقية لهذه الأحداث وأوجه الاستفادة منها ، فالشرع لا يُلزمنا بتحديد اليوم الذي ولد فيه الرسول على وجه الدقة، وإنما يلزمنا بإتباع سنته وحمل رسالته، كذلك لا يلزمنا بتقصي الأخبار في معرفة وقت رحلة الإسراء والمعراج، وإنما يلزمنا بالإيمان بها وتصديق ما ثبت عن النبي أنه قاله عنها وأن نعي ما حوته من رموز ومعان وما تضمنته من دروس وفوائد، وأن نعي قدر الصلاة التي نزل بها الرسول من فوق سبع سموات .
أما عن الإسراء إلى بيت المقدس ثم العروج من هناك إلى السموات العُلى، فله معنى كبير ودلالة عظيمة ، ورمز جدير بأن يُعتنى به وأن يُشار إليه .
لقد كان بيت المقدس هجرة غالب الأنبياء من قبل الرسول الكريم وكانت القدس أرض النبوات السابقة، فكان فيها إبراهيم وإسحق ويعقوب وسليمان وداود وعيسى وغيرهم كثير من الأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام أجمعين، كما أنها أرض المحشر كما أخبر بذلك رسول الله فقال" الشام أرض المحشر والمنشر "(8)
وفيها الخلافة الراشدة في آخر الزمان، فقد روى أحمد في مسنده عن عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَوَالَةَ الأَزْدِيُّ أن رسول الله قال له « يَا ابْنَ حَوَالَةَ إِذَا رَأَيْتَ الْخِلاَفَةَ قَدْ نَزَلَتِ الأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ فَقَدْ دَنَتِ الزَّلاَزِلُ وَالْبَلاَيَا وَالأُمُورُ الْعِظَامُ وَالسَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ إِلَى النَّاسِ مِنْ يَدِي هَذِهِ مِنْ رَأْسِكَ » (9)
فالأرض المُقدسة هي أرض الهجرة وأرض المحشر وأرض الأنبياء وأرض الخلافة الراشدة آخر الزمان، وها قد أُوحي إلى محمد وهو آخر الأنبياء والمرسلين من أرض العرب، فكانت رحلة الإسراء إلى بيت المقدس ثم إمامة الأنبياء بالمسجد الأقصى بمثابة انتقال القيادة إلى نبوة جديدة لنبي خاتم برسالة خاتمة للناس كافة في كل زمان ومكان، ولأمة هي خير أمة أخرجت للناس، فأراد الله عز وجل أن يثبت عموم هذه الرسالة وأن صاحبها ليس كمن سبقه من الرسل يُبعث إلى قومه خاصة، وإنما برسالة عالمية جديدة صالحة للناس كافة قد نسخت كل ما سبقها من الرسالات، وجاءت بما يناسب حاجة الناس من تشريع وأحكام إلى قيام الساعة .
كما أراد الله عز وجل أن يربط وجدان المسلمين ومشاعرهم بالمسجد الأقصى الذي خصه الله بالذكر في القرآن فقال عنه (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ ) فأراد الله عز وجل أن يربط عقول الأمة وأفئدتها بهذا المسجد الذي لا يقل في تقديسه عن المسجد الحرام والمسجد النبوي، وأن التفريط في أحدهما يعني إمكانية التفريط في الآخرين .
وقد صح عن النبي أنه قال « لَمَّا فَرَغَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ مِنْ بِنَاءِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ سَأَلَ اللَّهَ ثَلاَثًا حُكْمًا يُصَادِفُ حُكْمَهُ ، وَمُلْكًا لاَ يَنْبَغِي لأَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ،وَأَلاَّ يَأْتِيَ هَذَا الْمَسْجِدَ أَحَدٌ لاَ يُرِيدُ إِلاَّ الصَّلاَةَ فِيهِ إِلاَّ خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمَ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ » فَقَالَ النَّبِي ُّ « أَمَّا اثْنَتَانِ فَقَدْ أُعْطِيَهُمَا وَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ قَدْ أُعْطِىَ الثَّالِثَةَ » (10)
وقال « لاَ تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلاَّ إِلَى ثَلاَثَةِ مَسَاجِدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَسْجِدِ الرَّسُولِ وَمَسْجِدِ الأَقْصَى » (11)
أما عن رؤية رسول الله لربه ليلة المعراج ففيها أربعة أقوال : الأول : هو قول الوقف في هذه المسألة وعدم الخوض فيها لا بإثبات ولا بنفي، كما قال سعيد بن جبير "لا أقول رآه ، و لا لم يره " كذا رجح القرطبي في " المفهم " قول الوقف في هذه المسألة، وعزاه لجماعة من المحققين، وقواه بأنه ليس في الباب دليل قاطع، وغاية ما استدل به للطائفتين ظواهر متعارضة قابلة للتأويل، ثم قال " وليست المسألة من العمليات فيكتفي بالأدلة الظنية، وإنما هي من المعتقدات فلا يكفي فيها إلا بالدليل القطعي "

القول الثاني :
من أثبت الرؤية ، قال ابن عباس و عكرمة رآه بقلبه ، وروى مسلم عن ابن عباس أنه قَالَ " رَآهُ بِفُؤَادِهِ مَرَّتَيْنِ " (12) وفي رواية أنه قَالَ رَآهُ بِقَلْبِهِ (13)
وروى الترمذي وحسنه عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ رَأَى مُحَمَّدٌ رَبَّهُ. قُلْتُ أَلَيْسَ اللَّهُ يَقُولُ (لاَ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ) قَالَ وَيْحَكَ ذَاكَ إِذَا تَجَلَّى بِنُورِهِ الَّذِي هُوَ نُورُهُ وَقَدْ رَأَى مُحَمَّدٌ رَبَّهُ مَرَّتَيْنِ (14)
وقال الإمام أحمد بن حنبل رآه بقلبه، ولم يقل برؤيته في الدنيا
وقال علي بن إسماعيل الأشعري و جماعة من أصحابه أنه رأى الله تعالى ببصره و عيني رأسه
وقال كل آية أوتيها نبي من الأنبياء عليهم السلام فقد أتي مثلها نبينا ، و خص من بينهم بتفضيل الرؤية .
القول الثالث : نفي الرؤية وهو قول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وابن مسعود وأبي ذر وأبي هريرة رضي الله عنهم وجماعة من الصحابة والتابعين .
فقال ابن مسعود عن قول الله تعالى [فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى] قال عنها قال رسول الله رأيت جبريل له ستمائة جناح (15) وقال أبو هريرة رضي الله عنه عن قول الله تعالى [وَلَقَدْ رَآَهُ نَزْلَةً أُخْرَى] (16) قال عنها قد رأى جبريل عليه السلام ، وقال مجاهد عنها قد رأى رسول الله جبريل في صورته مرتين ،أما أبو ذر رضي الله عنه فقد روى مسلم في صحيحه والترمذي وحسنه والإمام أحمد في مسنده واللفظ له عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ قَالَ " قُلْتُ لأَبِى ذَرٍّ لَوْ أَدْرَكْتُ رَسُولَ اللَّهِ سَأَلْتُهُ ؟ قَالَ عَنْ أَيِّ شَيْءٍ ؟ قُلْتُ هَلْ رَأَيْتَ رَبَّكَ ؟ فَقَالَ قَدْ سَأَلْتُهُ فَقَالَ « نُورٌ أَنَّى أَرَاهُ » (17) وفي رواية مسلم « رَأَيْتُ نُورًا » (18) وفي صحيح مسلم عَنْ أَبِى مُوسَى قَالَ : قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ فَقَالَ « إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لاَ يَنَامُ وَلاَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنَامَ ، يَخْفِضُ الْقِسْطَ وَيَرْفَعُهُ يُرْفَعُ إِلَيْهِ عَمَلُ اللَّيْلِ قَبْلَ عَمَلِ النَّهَارِ وَعَمَلُ النَّهَارِ قَبْلَ عَمَلِ اللَّيْلِ ، حِجَابُهُ النُّورُ - وَفِى رِوَايَةِ النَّارُ - لَوْ كَشَفَهُ لأَحْرَقَتْ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ مَا انْتَهَى إِلَيْهِ بَصَرُهُ مِنْ خَلْقِهِ » (19)
أما أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها فقد نفت رؤية رسول الله لربه عز وجل نفيا مُطلقا، ففي صحيح مسلم عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ كُنْتُ مُتَّكِئًا عِنْدَ عَائِشَةَ فَقَالَتْ :
يَا أَبَا عَائِشَةَ ثَلاَثٌ مَنْ تَكَلَّمَ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ فَقَدْ أَعْظَمَ عَلَى اللَّهِ الْفِرْيَةَ. قُلْتُ مَا هُنَّ ؟
قَالَتْ مَنْ زَعَمَ أَنَّ مُحَمَّدًا رَأَى رَبَّهُ فَقَدْ أَعْظَمَ عَلَى اللَّهِ الْفِرْيَةَ.
قَالَ وَكُنْتُ مُتَّكِئًا فَجَلَسْتُ فَقُلْتُ يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ أَنْظِرِينِي وَلاَ تَعْجَلِينِي ، أَلَمْ يَقُلِ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (وَلَقَدْ رَآهُ بِالأُفُقِ الْمُبِينِ) ( وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى ).
فَقَالَتْ أَنَا أَوَّلُ هَذِهِ الأُمَّةِ سَأَلَ عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ :« إِنَّمَا هُوَ جِبْرِيلُ لَمْ أَرَهُ عَلَى صُورَتِهِ الَّتِي خُلِقَ عَلَيْهَا غَيْرَ هَاتَيْنِ الْمَرَّتَيْنِ رَأَيْتُهُ مُنْهَبِطًا مِنَ السَّمَاءِ سَادًّا عِظَمُ خَلْقِهِ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ ».
فَقَالَتْ أَوَلَمْ تَسْمَعْ أَنَّ اللَّهَ يَقُولُ (لاَ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) أَوَلَمْ تَسْمَعْ أَنَّ اللَّهَ يَقُولُ (وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلاَّ وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِىَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِىٌّ حَكِيمٌ)
قَالَتْ وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّه ِ كَتَمَ شَيْئًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَقَدْ أَعْظَمَ عَلَى اللَّهِ الْفِرْيَةَ وَاللَّهُ يَقُولُ
(يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ).
قَالَتْ وَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ يُخْبِرُ بِمَا يَكُونُ فِي غَدٍ فَقَدْ أَعْظَمَ عَلَى اللَّهِ الْفِرْيَةَ وَاللَّهُ يَقُولُ
(قُلْ لاَ يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللَّهُ ) (20)
وفي صحيح البخاري عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ قُلْتُ لِعَائِشَةَ فَأَيْنَ قَوْلُهُ ( ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى * فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى ) قَالَتْ ذَاكَ جِبْرِيلُ كَانَ يَأْتِيهِ فِي صُورَةِ الرَّجُلِ ، وَإِنَّهُ أَتَاهُ هَذِهِ الْمَرَّةَ فِي صُورَتِهِ الَّتِي هِيَ صُورَتُهُ ، فَسَدَّ الأُفُقَ (21)
القول الرابع : ومن العلماء من ذهب إلى إمكانية الجمع بين القولين خاصة وأن الأخبار التي جاءت عن ابن عباس كثيرة بعضها مطلقة بثبوت الرؤية وبعضها مقيدة على الرؤية بالقلب، فذهب البعض إلى التوفيق بين ما قالته عائشة وما قاله ابن عباس من أن نفي عائشة للرؤية أي بالبصر وإثبات ابن عباس للرؤية أي بالقلب أي أن قول الله تعالى " لاَ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ " حاصله أن المراد بالآية نفي الإحاطة به عند رؤياه، لا نفي أصل رؤياه
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: يمكن الجمع بين إثبات ابن عباس ونفي عائشة رضي الله عنهم بأن يحمل نفيها على رؤية البصر وإثباته على رؤية القلب. (22)
ومن هذا أيضا ما رواه ابن حبان في صحيحه عن ابن عباس قال " قد رأى محمد ربه " قال أبو حاتم معنى قول ابن عباس قد رأى محمد ربه أراد به بقلبه في الموضع الذي لم يصعده أحد من البشر ارتفاعا في الشرف (23)
ثم روى في صحيحه عن مسروق بن الأجدع أنه سمع عائشة تقول " أعظم الفرية على الله من قال إن محمدا رأى ربه وإن محمدا كتم شيئا من الوحي وإن محمدا يعلم ما في غد قيل يا أم المؤمنين وما رآه ؟ قالت لا إنما ذلك جبريل رآه مرتين في صورته مرة ملأ الأفق ومرة سادا أفق السماء " قال أبو حاتم قد يتوهم من لم يحكم صناعة الحديث أن هذين الخبرين متضادان وليسا كذلك إذ الله جل وعلا فضل رسوله على غيره من الأنبياء حتى كان جبريل من ربه أدنى من قاب قوسين ومحمد يعلمه جبريل حينئذ فرآه بقلبه كما شاء ، وخبر عائشة وتأويلها أنه لا يدركه تريد به في النوم ولا في اليقظة، وقوله لا تدركه الأبصار فإنما معناه لا تدركه الأبصار يرى في القيامة ولا تدركه الأبصار إذا رأته لأن الإدراك هو الإحاطة والرؤية هي النظر والله يرى ولا يدرك كنهه لأن الإدراك يقع على المخلوقين والنظر يكون من العبد لربه وخبر عائشة أنه لا تدركه الأبصار فإنما معناه لا تدركه الأبصار في الدنيا وفي الآخرة إلا من يتفضل عليه من عباده بأن يجعل أهلا لذلك واسم الدنيا قد يقع على الأرضين والسماوات وما بينهما لأن هذه الأشياء بدايات خلقها الله جل وعلا لتكتسب فيها الطاعات للآخرة التي بعد هذه البداية فالنبي رأى ربه في الموضع الذي لا يطلق عليه اسم الدنيا لأنه كان منه أدنى من قاب قوسين حتى يكون خبر عائشة أنه لم يره في الدنيا من غير أن يكون بين الخبرين تضاد أو تهاتر (24)
وروى أيضا عن عبد الله بن شقيق العقيلي قال " قلت لأبي ذر لو رأيت رسول الله لسألته عن كل شيء ، فقال عن أي شيء كنت تسأله ؟ قال كنت أسأله هل رأيت ربك ؟ فقال سألته فقال " رأيت نورا " قال أبو حاتم معناه أنه لم ير ربه ولكن رأى نورا علويا من الأنوار المخلوقة" (25) والله أعلم أي ذلك كان .
هذه هي جُملة أقوال العُلماء في هذه المسألة ولكل منهم دليله الذي يحتج به، إلا أن القول بأن رسول الله لم ير ربه ليلة الإسراء ـ هو عندي ـ الأظهر والأقوى حجة، وهو القول المرفوع للنبي بحديث صحيح كما رواه مسلم عن مسروق عن عائشة رضي الله عنها، وقول ابن عباس لم يثبت بحديث مرفوع عن النبي وهو رغم علمه ـ رضي الله عنه ـ فقد تناول هذه المسألة بالظن والاجتهاد ولو كان معه شيء مرفوع إلى النبي لذكره ولقطع الخلاف.
كما أن الأصل هو عدم ثبوت الرؤية فلم يخبرنا الله تعالى بثبوت رؤيته من نبي مرسل أو ملك مُقرب فالقول بثبوتها لا يستند إلى دليل قاطع، أما القول بأن ابن عباس أثبت شيئاً نفاه غيره والمثبت مقدم على النافي فهذا إنما يكون صحيحاً إذا ذكر المثبت دليلاً على إثباته، فلا بد للمثبت أن يورد دليل الإثبات، ومُثبتوا الرؤية لم يقدموا أدلة بينة على ذلك، والنفي هو الأصل، حتى يقوم دليل الإثبات، وإذ لا دليل فكلام النافي هو المقدم، والنفي لا يحتاج إلى دليل، وقد عضدت عائشة رضي الله عنها مذهبها في النفي ببعض الآيات التي ظنت أنها تشهد لها. (26)
كما أن هذا القول يُسانده ظاهر اللفظ القرآني [لَقَدْ رَأَى مِنْ آَيَاتِ رَبِّهِ الكُبْرَى](27) وقال تعالى [سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ المَسْجِدِ الحَرَامِ إِلَى المَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ] (28)
فإن الله عز وجل قد أقر برؤية رسوله لآيات عظيمة سواء في الإسراء أو في المعراج، ولم يخبرنا الله عز وجل برؤية رسوله لذاته عز وجل وذلك كان أدعى إلى الذكر،فرؤية الله عز وجل تفوق مجموع ما رأى رسول الله من الآيات في الأرض والسماء، فعدم ذكرها دليل على عدم وقوعها، كما أن رسول الله لم يحدث الناس عن رؤيته لله عز وجل ليلة الإسراء في الوقت الذي جاءت فيه أحاديث كثيرة صحيحة تشرح تفاصيل هذه الرحلة وما شاهده رسول الله من آيات ربه فيها، ففي صحيح البخاري عن ابْنَ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما – أن النَّبيِّ قَالَ
« رَأَيْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي مُوسَى رَجُلاً آدَمَ طُوَالاً جَعْدًا، كَأَنَّهُ مِنْ رِجَالِ شَنُوءَةَ، وَرَأَيْتُ عِيسَى رَجُلاً مَرْبُوعًا مَرْبُوعَ الْخَلْقِ إِلَى الْحُمْرَةِ وَالْبَيَاضِ، سَبْطَ الرَّأْسِ، وَرَأَيْتُ مَالِكًا خَازِنَ النَّارِ »(29)
وفي صحيح مسلم عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ « عُرِضَ عَلَىَّ الأَنْبِيَاءُ فَإِذَا مُوسَى ضَرْبٌ مِنَ الرِّجَالِ كَأَنَّهُ مِنْ رِجَالِ شَنُوءَةَ وَرَأَيْتُ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - فَإِذَا أَقْرَبُ مَنْ رَأَيْتُ بِهِ شَبَهًا عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ وَرَأَيْتُ إِبْرَاهِيمَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ فَإِذَا أَقْرَبُ مَنْ رَأَيْتُ بِهِ شَبَهًا صَاحِبُكُمْ - يَعْنِى نَفْسَهُ - وَرَأَيْتُ جِبْرِيلَ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - فَإِذَا أَقْرَبُ مَنْ رَأَيْتُ بِهِ شَبَهًا دِحْيَةُ » (30)
وفي السلسلة الصحيحة أن رسول الله قال " رأيت ليلة أسري بي رجالا تقرض شفاههم بمقاريض من نار فقلت من هؤلاء يا جبريل ؟ فقال : الخطباء من أمتك يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم وهم يتلون الكتاب أفلا يعقلون " (31) وأحاديث كثيرة تصف آيات عجيبة قد رآها رسول الله في هذه الرحلة قد تحدث عنها رسول الله مرارا لأصحابه، فتُرى أيهما كان أدعى إلى الذكر، رؤية الله عز وجل والتي لم تثبت بحديث صحيح، أم ما دونها من الآيات والتي ثبتت في كثير من الأحاديث الصحيحة ؟؟
كذلك في صحيح مُسلم عن أبي موسى قَالَ: قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ ـ منها « حِجَابُهُ النُّورُ- وَفِى رِوَايَةِ النَّارُ - لَوْ كَشَفَهُ لأَحْرَقَتْ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ مَا انْتَهَى إِلَيْهِ بَصَرُهُ مِنْ خَلْقِهِ » (32) ولا ينفي أحد بشرية رسول الله وأن طابعه البشري لم يُعد في الدنيا لرؤية الله تعالى فالفاني لا يرى الباقي كما قال مالك بن أنس رحمه الله وهو يبين أن مقدرة البشر لا تقوى على رؤية الله عز وجل لأنها لم تعد للرؤيا في الدنيا فقال " لم يُر في الدنيا ، لأنه باق ولا يرى الباقي بالفاني ، فإذا كان في الآخرة ورزقوا أبصاراً باقية رئي الباقي بالباقي "
ويؤيد هذا أيضا قول النبي وهو يخبر عن فتنة الدجال " وأنكم لن تروا ربكم حتى تموتوا " (33) فظاهر نفي الرؤية أنه لانتقاص طابعهم البشري عن إمكانية رؤية الله عز وجل ويقبل أن يدخل المُحدث وهو الرسول ضمنهم .
أما عن قول الله تعالى (مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى) (34) والتي يستند إليها من ذهب إلى ثبوت الرؤية فإن هذا القول لا يتوافق وسياق الآيات، فإن الآيات التي تسبقها تتحدث عن رؤية رسول الله لجبريل على صورته الحقيقية التي خُلق عليها، ثم قال تعالى (مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى) أي أن رسول الله قد استشعر قلبه بصدق ما رأت عينيه رغم أنه أمر لم تألفه، ومن طباع البشر عندما ترى أعينهم ما لم تألف رؤيته ويبهر العقل تتوهم أنه خيال أو حلم، أما رؤية رسول الله لجبريل عليه السلام على صورته التي خُلق عليها في أول الوحي ثم عند سدرة المنتهى فقد رأت العين وصدق القلب الرؤيا على أنها عين يقين .
قال ابن القيم في الزاد " وأما قول ابن عباس أنه رآه بفؤاده مرتين فإن كان استناده إلى قوله تعالى: {مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى} ثم قال {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} والظاهر أنه مستنده فقد صح عن النبي أن هذا المرئي جبريل رآه مرتين في صورته التي خلق عليها . (35)
كما روى الترمذي وصححه والإمام أحمد عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود أنه قال ( مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى) قَالَ رَأَى رَسُولُ اللَّهِ جِبْرِيلَ فِي حُلَّةٍ مِنْ رَفْرَفٍ قَدْ مَلأَ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ (36)
أما عن قول الله تعالى ( ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى)فقال فيها أهل العلم عدة أقوال منها: أن الذي دنا هو جبريل عليه السلام دنا من محمد فتدلى أي تقرب منه، وقيل هو على التقديم والتأخير ، فكان قاب قوسين أو أدنى من جبريل وهو على صورته التي خُلق بها، وقول الله تعالى " فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى " أي فأوحى جبريل إلى عبد الله ورسوله محمد ما أمره ربه أن يبلغه، فكان الوحي من الله عز وجل إلى رسوله بواسطة جبريل عليه السلام .
أما عن رواية شريك بن عبد الله للإسراء التي ذكرها الإمام البخاري والتي ذكر فيها دنو الجبار رب العزة من رسول الله فإن الحُفاظ قد غلطوا شريكا في روايته فعدوا عليه أكثر من عشرة أخطاء فيها، وقال الإمام مسلم عنها " إن شريك اضطرب في هذا الحديث وساء حفظه ولم يضبطه" وقال عبد الحق الإشبيلي في "الجمع بين الصحيحين" (( زاد فيه شريك زيادة مجهولة وأتى فيه بألفاظ غير معروفة، وقد روى الإسراء جماعة من الحفاظ، فلم يأت أحد منهم بما أتى به شريك، وشريك ليس بالحافظ )) وقال الخطابي " إن الذي وقع في هذه الرواية من نسبة التدلي للجبار عز وجل مخالف لعامة السلف والعلماء وأهل التفسير، ومن تقدم منهم ومن تأخر " (37)
أما قول الله عز وجل [وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ المُؤْمِنِينَ] (38) فتأول البعض طلب موسى عليه السلام للرؤية بإمكانيتها في الدنيا وإلا ما كان ليطلبها موسى عليه السلام وقد جاء طلبه بعد بعثته، وهذا تأويل فيه نظر، فسياق الآيات يُشير إلى أن موسى عليه السلام أراد أن يختصه ربه بالكلام والرؤية معا، فتكون ميزة ينفرد بها عليه السلام، غير معنية بإحاطة علم موسى عليه السلام بإمكانية الرؤية من عدمها، فجاء الجواب من الله سبحانه مسبقا باستحالة الرؤية لذاته سُبحانه " لَنْ تَرَانِي " ثم قرنها بالدليل العقلي فجاء كمثال عملي أمام موسى عليه السلام ليبين له ضعف تركيبه البشري على تحمل رؤية الله عز وجل ،فلما لم يقو على الرؤية أيقن أنه سأل أمر عظيم لم يهيأ له طابعه البشري وإن كان رسول مُقرب لذا لما أفاق قال (سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ المُؤْمِنِينَ ) ومثل هذا قصة العزير الذي أماته الله مائة عام ثم بعثه [قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِئَةَ عَامٍ فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آَيَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى العِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا] فبقاؤه مائة عام خبر يقيني ذكره الله مُسبقا ثم دعمه الله عز وجل بالدليل العقلي ليكون أبلغ في الإثبات بأن ينظر إلى ما حوله ليتضح له صحة القول، فقيد الله الزمان في حق الطعام فلم يتغير ثم سيره في حق الحمار فسار رفاتا فأيقن عزير أنها آية أطلعه الله عليه فقال [أَعْلَمُ أَنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ] (39) والله أعلم
ومما سبق يتبين أن القول بثبوت رؤية رسول الله لربه عز وجل ليلة الإسراء قول لم يستند إلى دليل قاطع أو حديث مرفوع إلى النبي وإنما هو اجتهاد وتأويل للآيات، ولعل قول مالك بن أنس رحمه حجة قوية على من أثبت الرؤية بغير دليل قاطع فقال رحمه الله " لم ير في الدنيا، لأنه باق، و لا يرى الباقي بالفاني، فإذا كان في الآخرة و رزقوا أبصاراً باقية رئي الباقي بالباقي .
وقال بعض السلف و المتأخرين ما معناه " إن رؤيته تعالى في الدنيا غير ممكنة لضعف تركيب أهل الدنيا،
و قواهم، وكونها متغيرة عرضاً للآفات والفناء ، فلم تكن لهم قوة على الرؤية ، فإذا كان في الآخرة و ركبوا تركيباً آخر ، و رزقوا قوى ثابتة باقية ، و أتم أنوار أبصارهم و قلوبهم قووا بها على الرؤية .
لذا كانت الرؤيا في الآخرة هبة من الله للمؤمنين وسوف يحرم منها الكفار، وهي ثابتة في القرآن الكريم قال تعالى [وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ](40)
وقال تعالى [كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ] (41)
قال الشافعي رحمه الله ما حجب الفجار إلا وقد علم أن الأبرار يرونه عز وجل
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
قضايا في الأسراء والمعراج
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» اليوم ذكرى الأسراء والمعراج للحبيب المحبوب سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم
» خطبة عن الإسراء والمعراج

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات أبو خمرة الرفاعية القادرية Forums abokhomrah :: سير الصحابة والتابعين رضوان الله عليهم اجمعين-
انتقل الى: