الحيالي خمروي مشرف
عدد الرسائل : 3119 العمر : 54 الموقع : منتدى دولة الفقراء العمل/الترفيه : اللهم اعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك المزاج : هادئ تاريخ التسجيل : 17/11/2010
| موضوع: وفت أذنك ياغلام ما سمعت وصدقت ربك 2011-03-07, 9:24 pm | |
| وفت أذنك ياغلام ما سمعت وصدقت ربك عندما أراد الرسول صلى الله عليه وسلم غزوة تبوك أمر المسلمين بأخذ العدة، والعتاد، ويتجهزون، ويستعدون.
وفي يوم من الأيام كان الفتى عمير بن سعد رضي الله عنه عائدًا إلى بيته بعد أداء الصلاة في المسجد وقد امتلأت نفسه بطائفة مشرقة من صور بذل المسلمين وتضحيتهم، رآها بعينيه، وسمعها بأذنيه ,
وما كاد يسمع الجلاس ما سمع – وهو زوج أمه – حتى انطلقت من فمه كلمة أطارت صواب الفتى المؤمن إذ سمعه يقول: "إن كان محمد صادقًا فيما يدعي من النبوة فنحن شر من الحمير".
فالتفت عمير رضي الله عنه إلى الجلاس وقال:
"والله يا جلاس ما كان على ظهر الأرض أحد بعد محمد بن عبد الله أحب إلي منك، فأنت آثر الناس عندي وأجلهم يدًا علي، ولقد قلت مقالة إن ذكرتها فضحتك، وإن أخفيتها خنت أمانتي، وأهلكت نفسي وديني، وقد عزمت على أن أمضي إلى رسول الله ، وأخبره بما قلت فكن على بينة من أمرك".
ومضى الفتى عمير إلى المسجد وأخبر النبي بما سمع من الجلاس بن سويد فاسْتَبْقَاه رسول الله عنده، وأرسل أحد أصحابه يدعو الجلاس، فجاء الجلاس وحيَّا رسول الله ، وجلس بين يديه فقال له النبي:
"ما مقالة سمعها منك عمير بن سعد؟"
وذكر له ما قاله: فقال: "كذب علي يا رسول الله وافترى، فما تفوهت بشيء من ذلك".
والتفت الرسول إلى عمير فرأى وجهه قد احتقن بالدم، والدموع تنحدر مدرارًا من عينيه فتساقط على خديه وصدره وهو يقول: "اللهم أنزل على نبيك بيان ما تكلمت به ... اللهم أنزل على نبيك بيان ما تكلمت به". فبرز الجلاس وقال: "إن ما ذكرته لك يا رسول الله هو الحق، وإن شئت تحالفنا بين يديك، وإني أحلف بالله إني ما قلت شيئًا مما نقله لك عمير". فما إن انتهى من حلفه حتى أخذت عيون الناس تنتقل عنه إلى عمير بن سعد، حتى غشيت رسول الله السكينة، فعرف الصحابة إنه الوحي، فلزموا أماكنهم، وسكنت جوارحهم، ولاذوا بالصمت، وتعلقت أبصارهم بالنبي . وهنا ظهر الخوف، والوجل على الجلاس، وبدأ التلهف والتشوق على عمير، وظل الجميع كذلك حتى سري عن النبي فتلا قوله عز وجل: " يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ إلى قوله عز وجل: فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْرًا لَهُمْ وَإِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذَابًا أَلِيمًا"[التوبة: 74] فارتعد الجلاس من هول ما سمع وكاد ينعقد لسانه من الجزع ثم التفت إلى رسول الله وقال:
"بل أتوب يا رسول الله ... بل أتوب ... صدق عمير يا رسول الله وكنت من الكاذبين "...
وهنا توجه الرسول إلى الفتى فإذا دموع الفرح تبلل وجهه المشرق بنور الإيمان، فمد رسول الله يده الشريفة إلى أذنه وأمسكها برفق وقال: "وفت أذنك يا غلام ما سمعت وصدقت ربك" | |
|