عامربن شراحيل الشعبى

عامربن شراحيل الشعبى



ولد الشعبى لست سنوات من خلافه الفاروق عمر رضوان الله عليه ولد فى الكوفه وهيها نشاء
واسمه عامر بن شراحيل الحميرى المعروف بالشعبى نابغه المسلمين فى عصره
كانت المدينه مهوى فؤاده ومطمح نفسه فكان يؤمها من حين لاخر ليلقى صحابه رسول الله ضلى الله عليه وسلم
لياخذ هنهم كما كان الصحابه الكرام يؤمون الكوفه ليتخذوها منطلقا للجهاد فى سبيل الله او دارا لاقامتهم
فاتيح له ان يلقى نحو من خمسمائه من الصحابه الكرام وان يروى عن عدد كبير من جلتهم من امثال على بن ابى طالب وسعد بن ابى وقاص وزيد بن ثابت وعباده بن الصامت وابى موسى الاشعرى وعبد الله بن عباس وابى هريره والسيده عائشه ام المؤمنين وغيرهم رضوان الله عليهم
وكان الشعبى فتى متوقد الذكاء يقظ الفؤاد مرهف الذهن دقيق الفهم ايه فى قوه الحفظ والذاكره
وقد روى عنه انه قال
ما كتبت سوداء فى بيضاء قط ولاحدثنى رجل بحديث الا حفظته ولا سمعت من امرىء كلاما ثم احببت ان يعيده علي
وقد كان مولعا بالعلم مشغوفا بالمعرفه يبذل فى سبيلها النفس والتنفيس
وكانت تعقد له حلقه فى جامع الكوفه ويلتف حوله الناس زمرا زمرا واصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
احياء يروحون ويغدون بل ان عبد الله بن عمر رضى الله عنه سمعه ذات مره يقص على الناس اخبار الغزوات الاسلاميه بخفياها ودقائقها فارهف اليه سمعه وقال لقد شهدت بعض ما يقصه بعينى وسمعته باذنى ومع ذلك فهو
اروى له منى وشواهد سعه علم الشعبى وحضور ذهنه غزيره وفيره
من ذلك ما رواه عن نفسه قال
اتانى رجلان يتفاخران احدهما من بنى عامر والاخرمن بنى اسد وقد غلب اعامرى صاحبه وعلا عليه واخذه من ثوبه وجعل يجره نحوى جرا والاسدى مخذول امامه يقول له دعنى دعنى
وهو يقول له :
لا والله لا ادعك حتى يحكم الشعبى لى عليك.........
فالتفت الى العامرى وقلت له :
دع صاحبك حت اجكم بينكما:
ثم نظرت الى الاسدى وقلت:
مالى اراك تتخاذل له ؟
ولقد كان لكم مفاخر ست لم تكن لاحد من العرب:
اولها انه كانت منكم امراءه خطبها سيد الخلق محمد بن عبد الله فزوجه الله اياها من فوق سبع سموات00000
وكان السفير بينهما جبريل عليه السلام000
انها ام المؤمنين زينب بنت جحش0
فكانت هذه الاثره لقومك ولم تكن لاحد من العرب غيركم
والثانيه :انه كان منكم رجل من اهل الجنه يمشى على الارض وهو عكاشه بن محصن
وكانت هذه لكم يا بنى اسد ولم تكن لسواكم من الناس
الثالثه: ان اول لواء عقد فى الاسلام كان لرجل منكم هو عبد الله بن جحش 0
الرابعه: ان اول مغنم قسم فى الاسلام كان مغنمه
والخامسه :ان اول من بايع بيعه الرضوان كان منكم فقد جاء صاحبكم ابوسنان وهب الى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال
يا رسول الله ،ابسط يدك ابايعك 0
قال على ماذا ؟
قال: على ما فى نفسك0
قال وما فى نفسى؟
قال : فتح اول شهاده0
قال :نعم ،فبايعه ،فجعل الناس يبايعون على بيعه ابى سنان0
والسادسه: ان قومك بنىاسد كانوا ٌٌٌٌُسُُبعالمهاجرين يوم بدر0
فبهت العامرى وسكت0
ولا ريب ان فى الشعبى اراد ان ينصر الضعيف المغلوب على القوى الغلب0
ولو كان العامرى هو المخذول لذكر له من ماثر قومه ما لم يحط به خبرا 0
0000000000000
ولما الت الخلافه الى عبد الملك بن مروانكتب الى الحجاج عامله على العرقان ابعث الى رجلا يصلح للدين والدنيا واتخذه سميرا وجليسا
فبعث اليه الشعبى فجعله من خاصته0
ولقد بلغ الشعبى فى العلم منزله جعلته رابع ثلاثه فى عصره
فقد كان الزهرى يقول العلماء اربعه000000
سعيد بن المسيب فى المدينه0
وعامر الشعبى فى الكوفه 0
والحسن البصرى فى الكوفه 0
ومكحول فى الشام0
لكن الشعبى كان- لتواصعه - يخجل اذا القى عليه احد لقب العالم
فقد خاطبه احدهم قائلا: اجبنى ايها الفقيه لعالم0
فقال : ويحك 0000
لا تٌطِرنا بما ليس فينا0000
الفقيه من تورع عن محارم الله ، والعالم من خشى الله ، واين نحن من ذلك؟!
وقد كان الشعبى يتحلى بكرم الشمائل وجليل الخصائل0000
من ذلك انه كان يكره المراء ويتصاون من الخوض فيما لايعنيه 0
فلقد كلمه احد اصحابه ذات يوم فقال :
يا ابا عمرو0
فقال : لبيك
فقال :ما تقول فيما يتكلم فيه الناس من امر هذين الرجلين؟
فقال :اى رجلين تعنى؟
فقال : عثمان وعلى0
فقال:
انى والله - لفى غنى عن ان اجىء يوم القيامه خصيما لعثمان بن عفان او لعلى بن ابى طالب رضى الله علنهما0
ولقد جمع الشعبى الى العلم والحلم 0
فقد روى ان رجلا شتمه اقبح الشتم ، واسمعه اقذع الكلام فلم يذد على ان قال له:
ان كنت صادقا فيما ترمينى به غفر الله لى 000
وان كنت كاذبا غفرالله لك0
ولم يكن الشعبى على جلاله قدره وجزاله فضله بانف ان ياخذ المعرفه او يتلقى الحكمه عن اهون الناس شانا
فلقد داب اعرابى على حضور مجالسه، غير انه كان يلوذ بالصمت دائما فقال له الشعبى : الا تتكلم؟!
فقال :
اسكت فاسلم ، واسمع فاعلم0000
وان حظ المرء من اذنه يعود عليه0000
اما حظه من لسانه فيعود على غيره0000
فظل الشعبى يرددكلمه الاعرابى ما امتدت به الحياه0
ولقد اوتى الشعبى من بلاغه الكلام وحسن التصرف فيه ما لم يؤته الا القله النادره من الفصحاء
من ذلك انه كلم امير العرقين عمرابن هبيره الفرازى فى جماعه حبسهم فقال :
ايها الامير، ان كنت حبستهم بالباطل فالحق يخرجهم 0
وان كنت حبستهم بالحق فالعفو يسعهم 0
فاعجب بقوله واطلقهم 0
ولما ولى عمر بن هبيره الفرازى اميرا على العراق وذاد بسطه فى السلطان فاضاف اليه خرسان ايضا
وسار يزيد فى الناس سيره غير سيره سلفه العظيم0000
فكان يزيد بن عبد الملك يرسل اليه بالكتاب تلو الكتاب ويامره بانفاذما فيه ولو كان مجافيا للحق احيانا0000
فدعا بن هبيره كلا من الحسن البصرى وعامر بن شرحبيل المعروف بالشعبى وقال لهم:
ان امير المؤمنين يزيد بن عبد الملك قد استخلفه الله على عباده واوجب طاعته على الناس 0
وقد ولانى ما ترون من امر العراق ثم زادنى فولانى فارس
وهو احيانا يرسل الى كتبا يامرنى فيها بانفاذ ما لا اطمئن الى عدالته
فهل تجدان لى فى متابعتى اياه وانفاذ اوامرة مخرجا فى الدين؟
فاجاب الشعبى جوابا فيه ملا طفه للخليفه ، ومسايره للوالى0000
والحسن ساكت000
فالتفت عمر بن هبيره الى الحسن وقال:
وما تقول انت يا ابا سعيد؟
فقال : يا بن هبيره خف الله فى يزيد ولا تخف يزيد فى الله 0000
واعلم ان الله جل وعز يمنعك من يزيد ، وان يزيد لا يمنعك من الله 0000
يا بن هبيره انه يوشك ان ينزل بك ملك غليظ شديد لا يعصى الله ما امره فيزيلك عن سريرك هذا ،
وينقلك من سعه قصرك الى ضيق قبرك00000
حيث لا تجد هناك يزيد ، وانما تجد عملك الذى خالفت فيه رب يزيد00000
يا بن هبيره انك تك مع الله تعالى وفى طاعته يكفيك بائقه يزيد بن عبد الملك فى الدنيا والاخره
وان تك مع يزيد فى معصيه الله تعالى فان يكلك الى يزيد 0
واعلم يا بن هبيره انه لا طاعه لمخلوق كائنا من كان فى معصيه الخالق عزوجل0000
فبكى بن هبيره حتى بللت دموعه لحيته0000
ومال الى الحسن عن الشعبى00000
وبالغ فى اكرامه0000
فلما خرجا من عنده توجها الى المسجد ، فاجتمع الناس عليهما وجعلوا يسالونهما عن خبرهما مع امير العراقين
فالتفت الشعبى اليهم وقال:
ايها الناس من استطاع منكم ان يؤثر الله عزوجل على خلقه فى كل مقان فليفعل 0
فوالذى نفسى بيده ما قال الحسن لعمر بن هبيره قولا اجهله00000
ولكنى اردت فيما قلته وجه بن هبيره ، واراد الحسن فيما قاله وجه الله0000
فاقصانى الله من ابن هبيره وادناه من الحسن البصرى وحببه اليه 0000000
وعاش الشعبى حتى نيف على الثمانين
فلما وفاه الاجل ونعى الى الحسن البصرى قال:يرحمه الله فلقد كان واسع العلم 000
عظيم الحلم0000
وانه من الاسلام بمكان0